عزيزتى الكونتيسة ..لن أرجع الياك الليلة وسأمكث فى بيت صديقى (فيودور), حتى أطمئن على مستقبلى معك وأثق أن كل شئ فيك قد تغير وقد تدهشك منى هذه الجرأة وهذا العزم, ولكن ماحيلتى ؟ لم أعد أحتمل فحياتى بالقرب منك أصبحت بليدة وخاملة بحيث بت أخشى منك على شخصيتى وعلى عملى وعلى ماكنت احلم به من عظمة ومجد, وأرى من واجبى فى هذهالساعة الفاضلة أن اشرح لك كل شئ وأصارحك بالسبب الذى من أجله عقدت عزمى على مغادرة البيت . أنت ياعزيزتى امرأة مصابة بجنون الحبوالغيرة, لم يكد القدر يحقق احلامك ويجعل منك زوجة لى حتى أضطرب عقلك وأستعرت عواطفك وخيل اليك أن الزواج لم يخلق الا ليكون وسيلة مشروعة يجب أن تسخر لخدمة الحب والغيرة. فالحب فى نظرك لا سيما الحب المتقد غيرة وشكا هو المجهود الفردى الذى يجب أن تبذله المرأة فى ظل الزواج, وهو الغاية الوحيدة التى من أجلها نتزوج. وهو المتعة الدائمة التى يجب أن يقدرها الرجل ويعيش فيها ولها. وهكذا أحببتنى حبا صاخبا وعنيفا زين لك فيه خيالك الجامح أنه لا يجب أن يضعف ولا يفتر ولا يجب أن يسبقه شئ, أو أن يقف فى وجه سيله الجارف اى شئ. وكنت أحبك أيضا ولكنى شعرت وواأسفاه أنك تحبين حبك وغيرتك أكثر منى وتحبين ملذاتك ونزواتك أكثر من صحتى ومتحبين غرائزك أضعاف حبك لواجبك البيتى على أن واجب البيت عندك هو الحب. فالعناية بشئون زوجك لا تهمل ومسئولياتك حيال عملى لا تهمل وتربية أطفالك لا تهمل وواجبك تجاه جهادى لا يهمل أيضا. كل هذه الواجبات المقدسة تخضعينها لعاطفة الحب المقرونة بالغيرة ومادامت هذه العاطفة مشتعلة فى صدرك فأنتى مبتهجة وأنتى سعيدة وأنتى معتقدة بل مؤمنة بأن زوجك هو الآخر لا بد أن يكون سعيدا ولابد أن يكون مثلك مؤمنا بأن ملذات وآلام الحب والغيرة ينبغى أن تظل فوق مصلحة العائلة ومصلحة الأبناء ومصلحة الكل وقانون الحياة باسره تلك هى نزعتك الطائشة وذلك هو شيطانك المسيطر. أنتى عاشقة لا زوجة, أنتى انثى لا امرأة, أنتى غريزة تسعى لا مخلوق اجتماعى عاقل متزن يعرف ماله وماعلي . , وانى لأصارحك هنا بأمر حبك العاصف الغيور المخبول الذى أرهقنى وأضجرنى ولفنى فى شبكة مروعة من البلادة والكسل والخمول والظلام, والحق أنى بت أبحث عن نفسى ولا أجدها وأفتقد عقلى وأهيب بارادتى فلا أقع الا على أعصابى الخائرة وقواى المحطمة وعزمى المسلوب وهذا الخوف المزدوج هو الذى دفعنى الى الرحيل اذ كيف يمكن أن اعيش مع زوجة تمثل دور العاشقة المفتونة الغيور؟ ان الحب ياعزيزتى جميل ولكنه ليس كل شئ فى الحياة وأروع مافى الحب هو التضحية فاذا لم تضحى ببعض حبك من أجل اسرتك وأولادك وزوجك فأى قيمة لهذا الحب ؟ انه يتحول اذن الى أنانية قاتلة, نعم أنها عدواك سرت الى فأنا اليوم خائف منك وخائف من نفسى أن أطاوعك فأجهز على أحلامى ومستقبلى وأنا أحس ان حبى لك سيموت من فرط حبك وغيرتك وجبروتك المتسلط الأعمى. فثوبى الى رشدك وفكرى وأمعنى النظر وأفهمى أن على الرجال فرضا آخر غير الحب وعملا آخر غير العاطفة ورسالة أخرى غير الفناء والموت بين أحضان امرأة . فالرجل يعيش للبيت والعالم, للقلب والعقل, للأسرة والانسانية فلا تحبسينه بين خبايا ضلوعك ولا تقتليه فى حيوانية بدنك انك ان أطلقتى الرجل كسبتيه وان حررتيه أنقذتيه وان عفوتى عنه ولو لفترات سموتى به وقويتيه وشجعتيه وأغريتيه بعظائم الأعمال. فأطلقينى من ربقة حبك المجنون والا أطلقت نفسى. مكنينى بتضحيتك فى سبيل أولادك وبيتك من أن أضحى أنا الآخر ببعض قوتى وشبابى فى سبيل انقاذ نبوغى وتأكيد عبقريتى وخدمة العالم, وان أجد المرأة التى لا تتشبث بحب الرجل بل فى استخدام حبها وحنانها فى خلق الرجل. فأخلقينى بحبك بدل أن تقتلينى, أنقذى البقية الباقية من قوتى بدل أن تجهزى علي, ولكنك ان استرسلتى فى غيك وأتبعت شيطان حبك وغيرتك فسيثبت لك الزمن أنه فى مقدورى أن أدافع بمفردى عن شخصيتى وادافع وحدى عن عملى, واستغنى آخر الأمر عن حبك كما استغنيت عن التفكير فى مصلحتى.
هذه رسالتى فأقرئيها بامعان وفكرى ولا تنتظرى أن أعود الى البيت قبل انقضاء شهر على الأقل فاذا عدت ووجدتك المرأة الطائشة نفسها والعاشقة المفتونة الغيورة نفسها فسأقبل يدك شاكرا وأعتمد بعد الله على نفسى وأودعك الوداع الأخير.